الإعلام في الجزائر تحت أحذية السلطة
تستخدم العصابة الحاكمة في الجزائر قوانين لمحاكمة الصحفيين، على عكس القانون الجديد الذي أصدرته مؤخرا و روجت له باعتباره مكسبا لحرية الإعلام، بما في ذلك القانون الذي يحظر التمويل الأجنبي لوسائل الإعلام. ويؤكد متابعون أن القانون الجديد صدر قبل الانتخابات من أجل تلميع صورة السلطة.
و تزعم السلطة أن القانون الجديد يلغي أحكام “الجرائم الصحفية” في البلاد، لكن لا يزال هناك اثنان من الصحافيين البارزين خلف القضبان، إذ استخدمت السلطات ضدهم قوانين أخرى لمحاكمتهم بما في ذلك القانون الذي يحظر التمويل الأجنبي لوسائل الإعلام
وفي يونيو الماضي شددت محكمة الاستئناف في الجزائر الحكم الصادر بحق الصحافي إحسان القاضي المسجون منذ ديسمبر 2022، وقضت بسجنه سبعة أعوام، منها خمسة نافذة، بزيادة سنتين عن الحكم الابتدائي. وحوكم القاضي (63 عاما) بتهمة تلقي أموال من الخارج “قصد القيام بأفعال من شأنها المساس بأمن الدولة أو باستقرار مؤسساتها”، كما أعلنت النيابة خلال المحاكمة الابتدائية.
وخلال فترة ولاية تبون تم إغلاق أكبر صحيفة باللغة الفرنسية في البلاد “ليبرتي”، بالإضافة إلى الصحافيين الذين يواجهون أحكامًا بالسجن. كما توقفت الكثير من المواقع الإخبارية عن الاتصال بالإنترنت بينما لا يزال يتعذر الوصول إلى مواقع أخرى في جميع أنحاء البلاد دون شبكة “في بي أن”.
وكان إلغاء قانون “جرائم الصحافة” الجزائري قيد المناقشة في البرلمان منذ أكثر من عقد من الزمن، حيث تم إدراجه لأول مرة في القانون الوطني عام 2011، لكن تم تعليقه مع استمرار البلاد في استخدامه لمحاكمة الصحافيين الذين كتبوا انتقادًا للحكومة، لاسيما خلال احتجاجات الحراك عام 2019 التي أدت إلى الإطاحة بالمخلوع السابق عبد العزيز بوتفليقة.
وقد استخدم القانون كذريعة لسجن العديد من الصحافيين، بمن فيهم القاضي ومصطفى بن جامع، رئيس تحرير صحيفة “لو بروفنسال” اليومية.
وقد احتلت الجزائر المرتبة 136 من بين 180 دولة في التصنيف العالمي لحرية الصحافة الصادر عن منظمة “مراسلون بلا حدود” في العام 2023
ويشترط القانون الجديد على الراغبين في إنشاء قنوات أن تتوفر فيهم شروط تخص الخضوع للقانون الجزائري، وإثبات حيازة مدير ومالك القناة وجميع المساهمين الجنسية الجزائرية فقط، وإثبات تمتّع مدير المؤسسة بخبرة فعلية في مجال الإعلام لا تقل عن ثماني سنوات وشهادة جامعية، وألا يكون قد تعرّض لحكم قضائي في قضايا فساد أو أفعال مخلة بالشرف، وأن يثبت أن رأس المال وطني خالص، وأن يكون ضمن المساهمين صحافيون أو مهنيو قطاع الإعلام.
لكن يظل القانون يحمل في طياته الكثير من الخبث بمواد مبطنة، الغرض منها توجيه تهم المؤامرة و إفشاء أسرار الدولة للأجانب بهدف التخويف و التضييق على العمل الصحفي